لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
132459 مشاهدة
ذكر الملائكة وحملة العرش منهم

...............................................................................


بعد ذلك خلق العرش، والصحيح أن العرش هو أول المخلوقات؛ ولذلك خصه بالاستواء عليه وهو أول ما خلقه من هذه المخلوقات كما يشاء، ولا شك أن العرش يعتبر أول هذه المخلوقات، ويعتبر أعظمها إذا كانت السماوات السبع والأرضون في الكرسي كدراهم سبعة ألقيت في ترس، والكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة أي: بفلاة من الأرض فماذا تكون نسبة هذه المخلوقات إلى العرش؟ إذًا فالعرش لا يقدر قدره إلا الله. العرش في اللغة هو سرير المَلك السرير الذي يستوي عليه ملوك الدنيا كما قال تعالى عن بلقيس: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ فعرشها سرير كانت تجلس عليه كما يجلس الملوك على سررهم، وكذلك حكى الله عن يوسف لقوله تعالى وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ أي على السرير الذي يجلس عليه الملوك، ثم إنه تعالى أخبر بأن له هذا العرش ووصفه بصفات تبين أنه مخلوق وأنه قد خصه بالاستواء فوصف أن له حملة قال تعالى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ وهؤلاء هم من الملائكة أعطاهم الله تعالى قوة على حمل هذا العرش مع عظمه، ولكن هم كما خلقهم الله لا يقدر قدرهم إلا الله.
ورد في بعض الأحاديث قال صلى الله عليه وسلم: أذن لي أن أحدث عن ملك ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة سنة وذكر أن حملة العرش هم أربعة، وفي يوم القيامة يكونون ثمانية وكذلك أخبر بعبادتهم قال تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا أخبر بأنهم يحملون العرش وقال تعالى: وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ أخبر بأنهم حافين من حوله أي أنه لا يحيط به إلا خالقه سبحانه.